لمحة عن المقال
النعت الحقيقي والنعت السببي
ما هو النعت في اللغة العربية؟
يُعدّ النعت أحد التوابع في اللغة العربية، أي أنه لفظ تابع لما قبله ويتبعه في الإعراب من حيث الحالة الإعرابية (رفعًا ونصبًا وجرًّا) والجنس (مذكر أو مؤنث) والعدد (مفرد أو مثنّى أو جمع) والتعريف والتنكير. ويستخدم النعت لتوضيح أو تفصيل أو توكيد اسم قبله يُسمّى “المنعوت”.
من الأمثلة على ذلك: “قرأتُ كتابًا مفيدًا”، فـ”مفيدًا” هو نعت لـ”كتابًا”، وقد وصفه بكونه مفيدًا.
ينقسم النعت في اللغة العربية إلى نوعين رئيسيّين، هما: النعت الحقيقي والسببي. ولكلٍّ منهما خصائص واستعمالات معينة تميزّه عن الآخر. وفي هذا المقال، سنقدّم شرحًا مفصّلًا لهذين النوعين من النعت مع الأمثلة والتوضيح المناسب، ليستفيد منه المعلمون والمعلمات، وأولياء الأمور، والطلبة من مختلف المراحل الدراسية، وخاصة في التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي.
أولًا: النعت الحقيقي
تعريف النعت الحقيقي
النعت الحقيقي هو النعت الذي يصف الاسم الذي قبله مباشرة، أي أن الصفة تعود على الاسم الموصوف ذاته سواء كان هذا الاسم إنسانًا أو حيوانًا أو شيئًا أو مكانًا أو زمنًا. ويتبع النعت الحقيقي المنعوت في جميع الأمور الإعرابية: الإعراب، العدد، الجنس، والتعريف أو التنكير.
أمثلة على النعت الحقيقي
١- جاء الولدُ المجتهدُ إلى المدرسة.
٢- قرأتُ الكتبَ المفيدةَ.
٣- مررتُ بـرجلٍ كريمٍ.
٤- رأيتُ الأولادَ النشيطينَ في الحديقة.
في هذه الأمثلة نجد أن الكلمات: “المجتهدُ”، “المفيدةَ”، “كريمٍ”، “النشيطينَ”، كلّها صفات عادت على الأسماء قبلها مباشرة: “الولدُ”، “الكتبَ”، “رجلٍ”، “الأولادَ”. وهي بذلك نعت حقيقي؛ لأنها نعتت الشيء ذاته (المنعوت).
علامات النعت الحقيقي
يمتاز النعت الحقيقي بالعلامات التالية:
١- يتبع المنعوت في الإعراب: فإذا كان المنعوت مرفوعًا جاء النعت مرفوعًا، وإذا كان منصوبًا جاء النعت منصوبًا، وهكذا.
٢- يتبع المنعوت في العدد: فإذا كان المنعوت مفردًا جاء النعت مفردًا، وإذا كان مثنىً جاء النعت مثنّى، وإذا كان جمعًا جاء النعت جمعًا.
٣- يتبع المنعوت في الجنس: إذا كان مذكرًا جاء النعت مذكرًا، وإذا كان مؤنثًا جاء النعت مؤنثًا.
٤- يتبع المنعوت في التعريف والتنكير.
وظائف النعت الحقيقي
يؤدي النعت الحقيقي دورًا مهمًّا في إثراء اللغة وتوضيح المعاني وإضافة معلومات إضافية عن المنعوت. فهو يساعد المستمع أو القارئ على تكوين صورة أوضح عن الشيء الموصوف، سواء من حيث صفاته الجسدية أو الأخلاقية أو المعرفية. على سبيل المثال، عندما نقول “الولد الذكي”، فإننا نميز هذا الولد عن غيره من الأولاد.
ثانيًا: النعت السببي
التعريف
هو نعت لا يتعلق بالاسم الذي يسبقه بشكل مباشر، بل يصف أو يوضح أمرًا يرتبط بذلك الاسم، أي أنه ينعت اسمًا تابعًا للمنعوت، وليس المنعوت ذاته. وتكون الصفة عائدة على اسم يأتي بعد النعت.
أمثلة
١- قرأتُ كتابًا مفيدةً موضوعاتهُ.
٢- شاهدتُ رجلًا طيبةً أخلاقُهُ.
٣- أحببتُ طفلةً حلوةً ضحكتُها.
٤- زرتُ طالبًا مهتمةً أسرتهُ بالتعليم.
في المثال الأول، “مفيدةً” نعت سببي لـ”كتابًا”، لكنها لا تنعت “كتابًا” بشكل مباشر، بل تعود بالصفة على “موضوعاته” التي هي جزء منه. فالموضوعات هي المفيدة وليست الكتاب نفسه مباشرة.
علامات النعت السببي
يمتاز بالخصائص التالية:
١- يتبع المنعوت في الإعراب فقط: فإن كان المنعوت منصوبًا جاء النعت منصوبًا، وهكذا في حالات الإعراب الأخرى.
٢- لا يتبع المنعوت في العدد أو الجنس: بل يتبع الاسم الذي يلي النعت ويكون مؤثرًا فيه، وهو الذي يسبّب وجود النعت (الاسم المُشار إليه بالصفة).
٣- يتبع الاسم المتأثر (المضاف إليه بعد النعت) في الجنس والعدد: فإذا كان هذا الاسم مؤنثًا جاء النعت مؤنثًا، وإذا كان مثنى أو جمعًا جاء النعت كذلك.
وظائفه
يوفر طريقة لتفصيل معلومة دقيقة عن شيء يرتبط بالمنعوت وليس المنعوت ذاته. فهو أسلوب لغوي يربط بين معنيين بطريقة مركبة، مما يُثري المعنى ويوضح الصورة.
فمثلًا، عبارة “رجل طيبة أخلاقُه” توضح أن الصفات الطيبة تعود إلى أخلاق الرجل، وهذا يجعل المعنى أكثر دقة وتفصيلًا من مجرد قول “رجل طيب”، الذي يعني أن الرجل طيب بشكل عام وقد لا يشير تحديدًا إلى أخلاقه.
تنبيهات تربوية وتعليمية
كيفية تعليم النعت الحقيقي والسببي للأطفال
عند تعليم النعت للأطفال في المدارس، يُفضل البدء بالنعت الحقيقي لأنه أبسط وأوضح، ويمكن للطلبة ملاحظته بسهولة بالربط بين الصفة والموصوف المباشر. من الأمثلة المبسطة: “سيارة جميلة”، “قطة صغيرة”، “معلم مجتهد”.
بعد أن يعتاد الطلاب على النعت الحقيقي ويدركوا كيف يتبع الصفات للأسماء، يمكن للمعلمين الانتقال تدريجيًا للنعت السببي. ويُفضل استخدام الرسوم التوضيحية أو الصور لإظهار العلاقة بين المنعوت والصفة التي لا تعود مباشرة عليه، بل على شيء يرتبط به. يمكن أيضًا تدريب الطلبة على التمييز بين نوعي النعت من خلال أسئلة الاختيار، والربط بين الأوصاف، وتمارين الإعراب.
أخطاء شائعة يجب الانتباه لها
من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها بعض الطلبة وحتى المعلمين الجدد:
١- الخلط بين النعت الحقيقي والسببي لجهل بعلاقة النعت بالمنعوت أو الكلمة التابعة.
٢- عدم مطابقة النعت للمنعوت في التعريف والتنكير عند النعت الحقيقي.
٣- نسيان أن النعت السببي يتبع الاسم التابع في الجنس والعدد.
تدريبات تطبيقية
أكمل الجمل الآتية بنعت حقيقي مناسب:
١- هذا طالبٌ _______.
٢- شاهدتُ حديقةً _______.
٣- اشتريتُ سيارةً _______.
أكمل الجمل الآتية بنعت سببي مناسب:
١- رأيتُ طفلًا _______ لعبتُهُ.
٢- قرأتُ كتابًا _______ لغتهُ.
٣- قابلتُ تلميذًا _______ إجاباتهُ.
إنّ من أهم الغايات التي تسعى إليها دروس النحو في المدرسة هو تمكين الطالب من فهم بنية الجمل واستعمال اللغة استعمالًا دقيقًا. ويأتي درس النعت الحقيقي والنعت السببي ليُساعد الطالب على التعبير بأسلوب واضح يحتوي على صفات دقيقة توضح المعنى وتثري النصوص. ومع استيعاب الفرق بين النعتين، يستطيع الطلاب التفريق بين الصفات التي تعود على الاسم مباشرة، وتلك التي تعود على ما يرتبط به. ولذلك، يُعدّ هذا الموضوع من أعمدة النحو التي يجب ترسيخها بالتدريب والمراجعة الدائمة.
المراجع
١- عبد السلام هارون، شذور الذهب في معرفة كلام العرب، ابن هشام الأنصاري، تحقيق دار المعرفة، بيروت.
٢- تمام حسن، اللغة العربية معناها ومبناها، دار الشروق، القاهرة.
٣- إبراهيم مصطفى وآخرون، المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، القاهرة.
٤- كتاب النحو التطبيقي، وزارة التربية والتعليم، المملكة العربية السعودية.
٥- دليل المعلم لمادة لغتي، الصف الرابع والخامس والسادس الابتدائي، وزارة التعليم بالمملكة العربية السعودية.

