أسلوب المدح والذم في اللغة العربية

لمحة عن المقال

أسلوب المدح والذم في اللغة العربية

يُعد أسلوب المدح والذم من الأساليب البلاغية المهمة في اللغة العربية، حيث يُستخدم للتعبير عن الإعجاب أو الاستحسان بشيء معين (المدح)، أو للتعبير عن الاستياء والنفور من أمر ما (الذم). وهو من الأساليب المؤثرة في اللغة لما له من دور في بيان مواقف المتحدث واتجاهاته، ولارتباطه الوثيق بالمشاعر والذوق العام. يُكثر استخدامه في الكلام الأدبي والنثري، كما يظهر كثيرًا في الشعر والخطب والكتابات الرسمية واليومية.

تظهر أهمية هذا الأسلوب في كونه يُنمّي القدرة لدى الطلاب الناشئين على التعبير عن المواقف بإيجاز وبلاغة، كما يساعدهم على التمييز بين التعبير الإيجابي والسلبـي بطريقة صحيحة. ومن هذا المنطلق، يُعد تعليم أسلوب المدح والذم ضرورة مُلحّة في مراحل التعليم الأساسي، خاصةً للطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 7 إلى 18 عامًا.

مفهوم أسلوب المدح والذم

أسلوب المدح

هو أسلوب يُستخدم للتعبير عن الإعجاب بشخص أو شيء ما، ويهدف إلى إظهار الصفات الإيجابية التي يتحلّى بها الممدوح، مثل الشجاعة، الكرم، الذكاء، أو الأمانة. ويُستخدم غالبًا لتعزيز السلوك الإيجابي وتحفيز الآخرين على الاقتداء بالممدوح.

أسلوب الذم

هو أسلوب يُستخدم للتعبير عن الاستياء من شيء أو شخص، ويُبين الصفات السلبية التي يتّصف بها المذموم، مثل الكذب، الغش، البخل، أو الخيانة. ويهدف إلى النهي عن اقتراف هذه الصفات وتنفير الآخرين منها.

أدوات أسلوب المدح والذم

يعتمد أسلوب المدح والذم في تكوينه على عدد من الأدوات الخاصة التي تُستخدم بشكل رئيسي في الجمل. من أهم هذه الأدوات:

1. نعم وبئس

وهما من الأفعال الجامدة، تُستخدمان في المدح والذم على التوالي. “نعم” تفيد المدح، و”بئس” تفيد الذم. ويكون التركيب على النحو التالي:

  • نعم الرجلُ المعلمُ. (مدح)
  • بئس الصفةُ الكذبُ. (ذم)

يتكون هذا الأسلوب غالبًا من فعل (نعم أو بئس) وفاعل يُعبَّر عنه غالبًا باسم موصول مثل “ما” أو “من”، وقد يأتي الفاعل معرفة أو مضافًا، ويتلوه المخصوص بالمدح أو الذم إن لم يذكر في أول الجملة.

مكونات جملة نعم/بئس:

  1. الفعل: نعم أو بئس.
  2. الفاعل: وقد يكون اسمًا ظاهرًا أو اسمًا موصولًا.
  3. المخصوص بالمدح أو الذم: يأتي في نهاية الجملة مرفوعًا.

أمثلة:

  • نعم الطالبُ المجتهدُ.
  • بئس ما يفعلُ الكاذبُ.

2. حبذا ولا حبذا

وهما أسلوب شبه إنشائي يُستخدمان أيضًا للتعبير عن المدح والذم. “حبذا” تُستخدم للمدح، و”لا حبذا” للذم. وهذه الجملة تتكون من فعلين: “حب” و”ذا”.

أمثلة:

  • حبذا الصدقُ في القولِ.
  • لا حبذا الكذبُ والخداعُ.

وفي هذا السياق يكون:

  • حب: فعل ماضٍ جامد يفيد المدح.
  • ذا: اسم إشارة في محل فاعل.
  • المخصوص بالمدح أو الذم: يأتي في نهاية الجملة مرفوعًا.

أنواع فاعل نعم وبئس

فاعل “نعم” و”بئس” ليس نوعًا واحدًا، بل يأتي على عدّة صور، منها:

1. الاسم الظاهر:

وهو أكثر الأنواع شيوعًا، ويكون الفاعل ظاهرًا ومعروفًا.

مثال: نعم الخلقُ الأمانةُ.

2. الاسم الموصول:

وغالبًا يكون “ما” أو “من”.

مثال: بئس ما يفعل المنافق.

3. المضاف:

كأن يُضاف الاسم إلى اسم آخر ليحدد المقصود بالمدح أو الذم.

مثال: نعم خلقُ المؤمنِ الصدقُ.

تنبيه:

إذا تأخر المخصوص بالمدح أو الذم، وجب رفعه. مثال: “نعم الرجلُ الأمينُ”. فكلمة “الأمينُ” هي مخصوص المدح، وهي مرفوعة.

المخصوص بالمدح والذم

هو العنصر الذي يُبيّن الشخص أو الشيء الذي نرغب في مدحه أو ذمّه بشكل صريح في الجملة، وعادةً ما يأتي في نهاية الجملة بعد ذكر الفعل والفاعل، ويُعرب على أنه مبتدأ مؤخر، أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره “هو”.

مثال: نعم الرجلُ المعلمُ.
“المعلمُ” مخصوص بالمدح، ومرفوع على أنه مبتدأ مؤخر.

مثال: بئس ما يصنع المنافقُ الكذبُ.
“الكذبُ” مخصوص بالذم.

الفرق بين أسلوب المدح والذم والأساليب الأخرى

الفرق بين أسلوب المدح والذم والأساليب الخبرية المحضة، بأنه يحمل طابعًا إنشائيًا يُعبّر عن الموقف الشعوري للمتكلم. كما أنّ أسلوب المدح يعتمد ألفاظًا خاصة تختلف عن أدوات التوكيد أو الشرط، فهو لا يتضمن عادة استفهامًا ولا شرطًا، ويُركز على الصفات والأشخاص أو الموضوعات التي تتضمن تقييمًا إيجابيًا أو سلبيًا.

كذلك يختلف عنه أسلوب الأمر والنهي، فبينما يوجّه الأمر والنهي السلوك مباشرة، فإن المدح والذم يُؤثر في السلوك بشكل غير مباشر من خلال التأثير النفسي.

فوائد تعليم أسلوب المدح والذم للطلاب

يُعد تعليم هذا الأسلوب للطلاب من مختلف الأعمار ضروريًا لتعميق فهمهم لطبيعة الجمل في اللغة العربية، ولتنمية مهارات التعبير الشفوي والكتابي لديهم. ومن أهم الفوائد التعليمية:

  • تحسين قدرات الفهم البلاغي: إذ يساعد الطلاب على التفرقة بين الجمل التي تنقل شعورًا إيجابيًا وتلك التي تنقل شعورًا سلبيًا.
  • تنمية الذوق اللغوي: حيث يتعلم الطالب كيف يُعبّر عن إعجابه أو استيائه بأسلوب رشيق.
  • تشجيع السلوك الإيجابي: من خلال مدح الصفات الحميدة لدى الشخصيات الأدبية والتاريخية.
  • تحسين الأداء اللغوي: سواء في الكتابة أو الحوار أو التعبير الشفوي داخل الفصل.

تمارين وأنشطة تطبيقية لتعليم الأسلوب

يمكن للمعلمين والأهالي تنفيذ عدد من التمارين المبسطة لمساعدة الأطفال على فهم هذا الأسلوب، منها:

1. التمييز بين المدح والذم:

يُعطى الطالب مجموعة من الجمل ويُطلب منه تصنيفها إلى مدح أو ذم.

2. إكمال الجمل:

يُطلب من الطالب إكمال جملة تحتوي على “نعم” أو “بئس” أو “حبذا” بجملة مناسبة.

3. تحويل الجملة:

تحويل جملة خبرية إلى جملة مدح أو ذم باستخدام الأساليب الصحيحة.

التحذير من استخدام أسلوب الذم بإفراط

رغم أن أسلوب الذم وسيلة تعبيرية مهمة، يُنبّه المعلّمون وأولياء الأمور إلى ضرورة استخدامه بحذر، خاصةً عند تعليم فئة الأطفال، وذلك لتجنّب التشهير أو التنمّر اللفظي. يُنصح بتوجيه الذم نحو السلوك الخاطئ وليس نحو الشخص ذاته، مما يُعزز مهارات النقد البنّاء لدى الطلاب.

أسلوب المدح والذم من الأساليب البلاغية الهامة في اللغة العربية، إذ يُعزز قدرة المتعلّمين على التعبير عن القيم والمواقف بصورة لغوية سليمة ومؤثرة. كما يسهم تدريسه في تنمية الذكاء اللغوي والإبداع التعبيري لدى الطلاب، ويجب على المعلمين والآباء الحرص على استخدامه وتوظيفه بطريقة تربوية سليمة تُراعي مرحلتهم العمرية ومستواهم الإدراكي واللغوي.

المراجع

  • عبده الراجحي، “في النحو العربي: قواعد وتطبيقات”، دار النهضة العربية، 2000.
  • رمضان عبد التواب، “فصول في فقه العربية”، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1994.
  • وزارة التربية والتعليم المصرية، دليل المدرس في اللغة العربية للمرحلة الابتدائية، 2020.
  • أحمد مطلوب، “البلاغة العربية”، دار المعارف، القاهرة، 1983.
  • القرآن الكريم.