لمحة عن المقال
أسلوب التعجب
أسلوب التعجب هو أحد الأساليب الإنشائية في اللغة العربية، ويُستخدم للتعبير عن الدهشة أو استغراب المتكلم من صفة معينة بلغ من شدتها أو غرابتها أن أدهشته وأثارت انتباهه. ويُعد هذا الأسلوب من الأساليب المهمة في اللغة، حيث أنه يُظهر الانفعال النفسي للمتكلم تجاه أمر ما، ولذلك يُستخدم كثيرًا في المواقف اليومية والقصص والأدب، بل وظهر أيضًا في القرآن الكريم بشكل بياني رائع.
التعجب هو وسيلة لغوية تعبر عن مشاعر الإنسان الداخلية المختلفة عند رؤية أو سماع ما يثير دهشته، ويُعتبر من الوسائل التعبيرية البلاغية التي تبرز جمال اللغة العربية ومرونتها. ويتنوع أسلوب التعجب في اللغة، ولكن في هذا المقال سنركّز على أشهر صيغتيه وأكثرهما استخدامًا، وهما: “ما أفعله!” و”أفعل به!”.
شروط أسلوب التعجب
لكي يكون هناك مجالٌ لاستخدام التعجب بصيغة مباشرة، لا بد أن تتوفر مجموعة من الشروط في الفعل الذي يُتعجب منه، وهي على النحو التالي:
- أن يكون الفعل ثلاثيًا.
- أن يكون تامًا (غير ناقص بحيث لا يحتاج إلى خبر ليتم معناه).
- أن يكون مثبتًا (أي غير منفي).
- أن يكون غير قابل للتفضيل.
- أن يكون مبنيًا للمعلوم.
- أن يدل على صفة يُعجب منها وتلفت الانتباه، كالشجاعة أو الجمال أو السرعة وغيرها.
إذا تحقق في الفعل هذه الشروط، فيجوز صوغه على صيغتي “ما أفعله!” و”أفعل به!” بصورة مباشرة. أما إذا لم تتحقق فيه كل الشروط، فيجب التعجب منه بطريقة غير مباشرة مثل: “ما أشد إعجابي بـ…” أو “كم أعجبني…”.
صيغة “ما أفعله” في أسلوب التعجب
التركيب النحوي
تُعد صيغة “ما أفعله” من أشهر صيغ التعجب، وتدخل ضمن الأساليب المشهورة في اللغة العربية، وتُركب من:
- ما: وهي اسم تعجب مبني في محل رفع مبتدأ.
- أفعل: فعل ماضٍ جاء على وزن “أفعل” ويُشتق من الفعل الثلاثي المراد التعجب منه.
- الهاء: ضمير في محل نصب مفعول به أول.
- يتبع الجملة مكملات حسب المعنى، وقد تظهر أو تُحذف.
مثال: ما أجملَ السماءَ!
في هذا المثال: “ما” اسم تعجب، و”أجمل” فعل ماضٍ مبني على الفتح، و”السماء” مفعول به منصوب.
أمثلة على صيغة “ما أفعله”
- ما أصدقَ الصديق الوفي!
- ما أروعَ الطبيعة في الربيع!
- ما أسرعَ السيارة!
- ما أبهى الثوب الجديد!
ما يُراعى عند استخدامها
يجب أن يكون الفعل المُصاغ بصيغة “أفعل” قد تحقق فيه شروط الفعل السابق ذكرها. كما يجب أن يكون موضوع الدهشة والمفعول به ظاهرًا في الجملة، وغالبًا ما يكون معرفًا إن كان شيئًا معروفًا للسامع.
صيغة “أفعل به” في أسلوب التعجب
التركيب النحوي
أما صيغة “أفعل به” فتُعتبر صيغة تعجب فعلية بدءًا بفعلٍ جاء على صيغة الأمر لفظًا ولكنه في الحقيقة فعل ماضٍ من حيث المعنى. ويُركب هذا الأسلوب على الشكل التالي:
- أفعل: فعل ماضٍ جاء على صيغة الأمر (صيغة تعجب).
- بـ: حرف جر زائد يفيد التقوية.
- ضمير متصل: يكون في محل اسم مجرور لفظًا مرفوع محلًا (فاعل).
مثال: أجملْ بالسماء!
في هذا المثال: “أجمل” فعل تعجب جاء على صيغة الأمر، و”بالسماء” الباء حرف جر زائد و”السماء” اسم مجرور لفظًا مرفوع محلًا وهو فاعل الفعل “أجمل”.
أمثلة على صيغة “أفعل به”
- أكرمْ بالطالب المجتهد!
- أقبحْ بالكذب!
- أبدعْ بالفن الإسلامي!
- أجملْ بغروب الشمس!
خصائص أسلوب “أفعل به”
أسلوب “أفعل به” نادرٌ بالنسبة للصيغة الأولى “ما أفعله”، وقد جاء في العديد من النصوص الشعرية والقرآنية بتعبير بليغ يحمل طابعًا جماليًا عاليًا. ومن خصائصه أن الفاعل يأتي بعد الباء التي تُعد زائدة في المعنى لكنها ثابتة في البنية.
الفرق بين صيغتي التعجب
كلا الصيغتين تحمل المعنى نفسه وهو التعبير عن الإعجاب أو الدهشة، ولكن الفرق بينهما يكمن في البناء. يفضل أغلب العرب استخدام صيغة “ما أفعله” في الاستخدام اليومي، كونها أسهل وأوضح في السياق. أما صيغة “أفعل به” فتُستخدم في الأدب والشعر والنصوص الرسمية لكونها أكثر فصاحة.
التعجب من فعل لا تتوفر فيه الشروط
قد لا تتوافر في الفعل المُراد التعجب منه بعض الشروط السابقة، مثل أن يكون الفعل غير ثلاثي أو أنه ليس تامًا أو منفيًا، وفي هذه الحالات لا يجوز صوغه على صيغتي “ما أفعله” و”أفعل به” بشكل مباشر. وبدلًا من ذلك، نستخدم أسلوبًا تعجبيًا غير مباشر يتضمن مصدرًا صريحًا أو فعلًا مساعدًا.
أمثلة:
- ما أشدَ إعجابي بهذه اللوحة!
- كم هو رائعٌ ذلك الموقف!
- يا لها من لحظةٍ مؤثرة!
- إنه لَأشدُّ المواقف دهشةً!
تدريبات وأسئلة للطلبة
س: اجعل من الأفعال التالية جمل تعجب على صيغة “ما أفعله”:
- حسن
- كبر
- أبدع
- أسرع
(الإجابات: ما أحسنه، ما أكبره، ما أبدعه، ما أسرعه)
س: ضع جملة تعجب بصيغة “أفعل به” على الفعل: علم، نفع، صدق
(إجابات نموذجية: أعلمْ بالمعلم! أنفعْ بالعلم! أصدقْ بالصديق!)
س: هل يمكن أن تقول “ما أصدقْ بالكلام!”؟ لماذا؟
ج: لا، لأن هذه الجملة تخلط بين الصيغتين ولا تتبع التركيب الصحيح لأي منهما.
نصوص أدبية يظهر فيها أسلوب التعجب
يُستخدم هذا الأسلوب بكثرة في الشعر العربي القديم والحديث، ومن ذلك قول المتنبي:
ما أصدقَ الصبرَ في بلاءٍ كحالتي!
دور المعلمين والمعلمات في تعليم أسلوب التعجب
يجب على المعلمين والمعلمات أن يُوضحوا للطلبة أن أسلوب التعجب ليس فقط أداة لغوية للتعبير الأدبي، بل هو جزء من تفاعلنا اليومي مع الأشياء حولنا. فمثلًا يُمكن استغلال الأنشطة الصفية، والصور المثيرة، والمواقف التي تثير الدهشة لإدخال طالب المرحلة الابتدائية أو الإعدادية في فهم هذا الأسلوب.
يُفضل أيضًا استخدام بعض الألعاب اللغوية والتحديات الصفية لتحفيز الطلاب على إنتاج جمل تعجبية بشكل صحيح، ومراعاة تدريبهم على استخدام هذا الأسلوب ضمن التعبير الشفهي والكتابي. والتدرج من مرحلة الجمل البسيطة إلى الكتابة الأدبية المزينة بأساليب بلاغية مختلفة يزيد من تحكم الطالب في التعبير بلغة عربية سليمة وفصيحة.
نصائح للتلاميذ لاستخدام أسلوب التعجب
- لاحظ دائمًا الصفات أو الأمور التي تدهشك في الحياة اليومية، وجرِّب التعبير عنها بصيغتي “ما أفعله” و”أفعل به”.
- حاول حفظ بعض الجمل التعجبية الجاهزة حتى تتعود على تركيبها.
- اكتب جمل تعجبية في دفتر يومياتك أو نصوصك الإنشائية.
- انتبه إلى شروط الفعل عند تكوين الجملة التعجبية، ولا تستخدم الفعل المنفي أو الناقص في الصيغة المباشرة.
المراجع
- ابن هشام، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، دار الفكر العربي.
- عبده الراجحي، التطبيق النحوي، دار النهضة العربية.
- تمام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها، عالم الكتب.
- محمود مصطفى، النحو الواضح في قواعد اللغة العربية، دار المعارف.
- مناهج اللغة العربية، الصف السادس والثالث الإعدادي ـ وزارة التربية والتعليم في معظم الدول العربية.

