التمييز في اللغة العربية من المباحث النحوية الممتعة والمليئة بالأمثلة الحياتية، وهو من الأدوات الجمالية والتوضيحية التي يستخدمها المتحدث أو الكاتب لتفسير معنى يُحتمل أن يكون غامضًا أو قابلًا للتأويل. وغالبًا ما يأتي التمييز بعد كلمة أو جملة تحتاج إلى تفسير أو توضيح، ليُبين المقصود بدقة ويزيل أي لبس يمكن أن يحدث.
دعني أوضح لك بمثال بسيط: لو قلت “اشتريتُ عشرينَ”، فأكيد ستتساءل: عشرين ماذا؟ سيارة؟ كتاباً؟ كيلوغراماً؟ هنا يأتي التمييز لينقذك ويوضح لك الجملة، فيقول: “عشرينَ كتابًا”.
في بعض الأحيان، نتعامل مع التمييز وكأنه مجرد قاعدة عامة يجب على الطالب أن يحفظها، ولكن في الحقيقة هو من أكثر الأدوات التي تساعد الطالب على تطوير قدرته على التعبير الدقيق والواضح.
تخيل طالبًا يكتب: “شربتُ لترًا” وينسى أن يكمل! الكلمة ناقصة معناها، وهذا قد يعيق فهم القارئ أو المستمع.
ولذلك، من المهم جدًا أن نعلم الطلاب أن التمييز ليس مجرد قاعدة نحوية، بل هو مهارة تواصل. فعندما يكتب أو يتكلم ويضيف التمييز، فإنه يجعل كلامه أوضح وأسهل للفهم.
التلقين ليس كافيًا! يجب علينا استخدام الأنشطة التفاعلية، والألعاب اللغوية، والتمثيل الدرامي أيضًا (لما لا؟!) حتى يستمتع الطلاب وهم يطبقون.
كتير من المعلمين أو حتى الطلاب يخلطون بين التمييز والمضاف إليه، وهذا طبيعي في البداية، لكن مع الفهم، يتضح التمييز.
انتبه دائمًا لعلامات التعجب والدهشة في جمل مثل “ما أروعَ السماءَ لونًا!” – هذه التعبيرات مليئة بتمييز بلاغي يحتاج إلى شيء من التوضيح للطلاب.
تخيل معي عندما تقرأ بيت شعر يقول: “أعددتُ للدهرِ سيفًا حزمًا”، التمييز هنا ليس مجرد إضافة فنية، بل هو أداة شعرية قوية. إن التمييز أداة رئيسية في البلاغة العربية، وقد استخدمه شعراء مثل المتنبي والمعري في تراكيبهم لتعزيز المعنى وتكثيف الصورة.
التمييز ليس مجرد شيء نحفظه، بل هو وسيلة قوية لبناء جمل دقيقة وواضحة، ولتعليم الأطفال التعبير بدقة، خاصة في وقت أصبح فيه التعبير المشتت منتشرًا بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي. فعندما نعلم التلاميذ كيف ولماذا يستخدمون التمييز، فإننا في الحقيقة نعزز قدراتهم اللغوية والتعبيرية وندفعهم خطوة حقيقية نحو التواصل الفعال.
وبعض التشجيع دائمًا ما يحدث فرقًا: “أحسنتَ تمييزًا!”.