المحسنات البديعية ضمن علم البلاغة، وتحديدًا في علم البديع. تسهم هذه المحسنات في تنمية الذائقة الأدبية لدى الطلبة وتطوير مهاراتهم التعبيرية، حيث تعمل على تحسين الكلام وإكسابه جمالًا لفظيًا أو معنويًا. وتهدف المحسنات البديعية إلى إبراز المعنى بطريقة جذابة، تُمتع السامع أو القارئ، وتُعزز من فاعلية النص في التأثير والتوصيل. تُستخدم المحسنات البديعية في الشعر والنثر على حد سواء، وتمتاز بأنواعها المتعددة التي يمكن للمتعلمين في مراحل التعليم المختلفة فهمها وتطبيقها.

تعريف المحسنات البديعية:

هي أساليب زخرفية، تُستخدم في العبارات أو الجمل لتحسين الأسلوب وتجميل المعنى،، وهي لا تتدخل في المعنى بشكل رئيسي، بل تُضيف إلى النص موسيقى وجمالًا يجذبان الانتباه ويجعلان التعبير أكثر تأثيرًا. وتتوزع هذه المحسنات إلى نوعين رئيسيين: محسنات لفظية ومحسنات معنوية.

أولاً- المحسنات اللفظية:

المحسنات اللفظية تقوم على تحسين شكل الكلام أو الأسلوب من الناحية الصوتية واللفظية، دون أن تؤثر بشكل مباشر في المعنى. وتهدف إلى جعل الكلام أكثر موسيقى وإيقاعًا. ومن أشهر المحسنات اللفظية:

1. السجع

تعريفه: هو توافق نهاية الجمل أو العبارات في الحروف الأخيرة. وغالبًا ما يُستخدم السجع في النثر، وخاصة في الخطابة والرسائل والعبارات التراثية.
أمثلة:
– “العدل أساس الملك، والظلم مؤذن بالهلك.”
– “من جدّ وجد، ومن زرع حصد.”

2. الجناس

تعريفه: هو تَشابه كلمتين في اللفظ واختلافهما في المعنى. وهو من المحسنات المحببة، إذ يعتمد على اللعب بالألفاظ لإحداث تأثير فني.
أنواعه:
– جناس تام: وهو أن تتفق الكلمتان في الحروف والنطق وتختلفان في المعنى. مثل: “لا تنظر إلى المرء من مرآه ولكن من مرآه.”
– جناس ناقص: وهو أن تختلف الكلمتان في حرف أو ترتيب. مثل: “قَدَّرْتُ قَدَرَك.”

3. التصريع

تعريفه: هو توافق قافية الشطر الأول من البيت مع الشطر الثاني في الشعر، وهو قريب من السجع ولكن خاص بالشعر.
مثال:
“إذا الشعب يومًا أراد الحياة *** فلا بد أن يستجيب القدر.”

4. التورية

تعريفه: أن يُطلق لفظ له معنيان، أحدهما قريب مبتذل يخطر على الذهن، والآخر بعيد خفي يُراد به المعنى الحقيقي.
مثال:
قال الشاعر: “لي صاحبٌ لا أملُّ حديثه *** إنْ قلت ثَـنّى، وإنْ نَظَرتُ أجدَّ.”
في هذا البيت استخدم الشاعر كلمة “ثنى” و”أجدّ” وهما يحملان معاني متعددة، ويُراد بهما معنى بعيد يُفهم من السياق.

ثانيًا- المحسنات المعنوية:

وهي المحسنات التي تُعنى بتحسين المعنى ذاته، أو إبراز التضاد، أو المقارنة في المعاني داخل النص. ومن أهم هذه المحسنات:

1. الطباق

تعريفه: الجمع بين كلمتين متضادتين في المعنى في سياق واحد، من أجل إظهار الاختلاف بطريقة تؤثر في نفس المتلقي.
أنواعه:
– طباق إيجاب: مثل: الحق والباطل، الليل والنهار، العلم والجهل.
– طباق سلب: يكون فيه أحد اللفظين مثبتًا والآخر منفيًّا، مثل: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ} [النساء:108] أثره:
يساعد الطباق في توضيح المعنى وتأكيده من خلال إبرازه بنقيضه، وهذا يُبرز الفكرة بشكل أوضح وأدق، كما يُضفي جمالية فكرية على النص.

2. المقابلة

تعريفها: هي أن يُذكر أكثر من لفظ، ثم يُذكر ما يقابلها بالترتيب نفسه، وهي تشبه الطباق لكنها تشمل أكثر من كلمتين.
مثال:
“يعزّ علينا أن نفارق أحبةً *** وأن يفقدونا حين يُفقد ودُّهم.”
هنا نلاحظ استخدام العبارات التي تقابل بعضها في المعنى لتوضيح العلاقة بين الحب والفقد والانتماء.
ميّزتها:
تُعد المقابلة من الأساليب البلاغية التي تُثري المعنى وتجعل التركيب أكثر اتزانًا وجمالًا، وتُسهم في إيصال الفكرة بشكل متكامل وسلس.

أهمية المحسنات البديعية في التعليم:

تلعب المحسنات البديعية دورًا محوريًا في تعليم اللغة العربية لطلاب المدارس. إذ لا تقتصر وظيفتها على كونها أدوات جمالية، بل تُعتبر وسائل تربوية تُسهم في توسيع معجم الطالب اللغوي، وتمكينه من استخدام اللغة بأسلوب متألق وبليغ. كما تساعد هذه المحسنات على ترسيخ القيم البلاغية في أذهان الطلاب، من خلال توفير فرص متعددة لاستخدام اللغة بطرق إبداعية. وتُعدّ المحسنات البديعية أحد أعمدة النصوص الأدبية في المناهج الدراسية، وخاصة نصوص الشعر والنثر الخالد في التراث العربي.

كما يساعد تدريب الطلاب على فهم المحسنات البديعية في تنمية مهارات التفكير النقدي والتحليلي، حيث يُصبحون أكثر قدرةً على التفرقة بين المعاني اللفظية والمعنوية، ويتعلمون كيفية تفسير النصوص من زوايا متعددة. كذلك تُنمي هذه المحسنات الذكاء اللغوي عند الطلاب، وتُكسبهم مهارات الكتابة والتعبير بأسلوب بلاغي يُؤهّلهم للتفوق في مجالات الأدب والصحافة والخطابة.

المراجع

1. البلاغة العربية: علم البيان والبديع، الدكتور عبده الراجحي، دار المعرفة الجامعية، 2008.
2. التذوق البلاغي، الدكتور فاضل السامرائي، دار ابن كثير، 2010.
3. البلاغة في اللغة العربية، منهاج وزارة التربية والتعليم – المرحلة الأساسية والثانوية.