لمحة عن المقال
كيف تحدث الزلازل؟
الزلازل هي ظاهرة طبيعية تحدث عندما يحدث تحرك مفاجئ في طبقات الأرض. يمكن أن تكون هذه الهزات صغيرة لا يشعر بها الإنسان، أو قد تكون قوية وتُحدث أضراراً كبيرة في المباني والبُنية التحتية، بل قد تؤدي إلى خسائر في الأرواح. لفهم كيفية حدوث الزلازل، من المهم أولاً أن نلقي نظرة على بنية كوكب الأرض وكيف تتكون طبقاته، ثم نتناول العمليات الداخلية التي تؤدي إلى هذه الظاهرة.
تركيب باطن الأرض
يتكون كوكب الأرض من عدة طبقات تترتب من الداخل إلى الخارج على النحو التالي: النواة الداخلية، النواة الخارجية، الوشاح، ثم القشرة الأرضية. الزلازل تحدث في الغالب في القشرة الأرضية أو في الجزء العلوي من الوشاح، وهي المنطقة التي يُطلق عليها الأستينوسفير. القشرة ليست قطعة واحدة متماسكة، بل تتكون من قطع كبيرة تُعرف باسم الصفائح التكتونية. تتحرك هذه الصفائح بشكل مستمر فوق طبقة شبه سائلة في الوشاح، مما يخلق توتراً وضغطاً عند حدود التقاء هذه الصفائح.
ما هي الصفائح التكتونية؟
الصفائح التكتونية هي قطع ضخمة من القشرة الأرضية تتحرك ببطء شديد على مر الزمن. تنقسم القشرة الأرضية إلى نحو 12 صفيحة رئيسية وعدد من الصفائح الصغيرة. تتحرك هذه الصفائح النشطة باستمرار بسبب التيارات الحرارية في باطن الأرض، وتتحرك بمعدلات بطيئة تتراوح بين 2 إلى 10 سنتيمترات في السنة. عندما تقترب هذه الصفائح من بعضها البعض، أو تنزلق إلى جانب بعضها البعض، أو تبتعد عن بعضها، يحدث احتكاك وضغط كبير يؤدي في النهاية إلى حدوث زلزال.
أنواع حدود الصفائح
الحدود التباعدية (Divergent Boundaries)
في هذا النوع، تبتعد الصفائح التكتونية عن بعضها البعض. وغالبًا ما يحدث هذا في قاع المحيطات حيث تتشكل قشرة جديدة. قد تحدث زلازل عند هذه الحدود لكنها غالباً ما تكون أقل عنفاً.
الحدود التقاربية (Convergent Boundaries)
عندما تتقارب صفحتان، قد تنغرس إحدى الصفائح تحت الأخرى في عملية تُعرف باسم “الانغراز”. يُعد هذا النوع من الحدود من أكثر المناطق المعرضة للزلازل العنيفة، مثلما يحدث في مناطق حزام النار في المحيط الهادئ.
الحدود الانزلاقية (Transform Boundaries)
في هذا النوع من الحدود، تنزلق الصفائح بجانب بعضها في اتجاهات متعاكسة. تشتهر هذه الحدود بتكرر الزلازل، ومن أبرز أمثلتها صدع سان أندرياس في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.
آلية حدوث الزلزال
عندما تصطدم الصفائح أو تحتك ببعضها البعض، فإنها لا تتحرك بانسيابية بل تتراكم كمية من الطاقة نتيجة الاحتكاك. وعندما تصبح هذه الطاقة أكبر من قدرة الصخور على التحمل، يحدث انكسار مفاجئ على طول صدع أو كسر معين في القشرة الأرضية، مما يطلق الطاقة المخزونة على هيئة موجات زلزالية تنتشر في جميع الاتجاهات. هذه الموجات هي ما نشعر به كاهتزاز أو زلزال.
تُقاس شدة الزلازل عادة بمقياس ريختر، وهو مقياس لوغاريتمي، ما يعني أن كل زيادة بمقدار درجة واحدة تمثل زيادة في طاقة الزلزال بمقدار 32 ضعفًا.
أنواع الموجات الزلزالية
عندما يحدث الزلزال، تنتج عن النقطة التي بدأت فيها الصدمة موجات زلزالية تنتقل عبر باطن الأرض وسطحها. وتتنوع هذه الموجات إلى:
الموجات الأولية (P-waves)
هي أسرع الموجات وتنتقل عبر الصخور والسوائل، وتكون أول موجة تصل إلى سطح الأرض. تتحرك بجذب وضغط للأمام والخلف.
الموجات الثانوية (S-waves)
تتبع الموجات الأولية، لكنها أبطأ، ولا تنتقل عبر السوائل. تتحرك بشكل زاوي أو جانبي مسببة اهتزازات قوية.
الموجات السطحية
وهي الأبطأ لكنها الأكثر تدميرًا لأنها تتحرك على سطح الأرض وتسبب أكبر جزء من الضرر في البنيات التحتية والمباني.
أين تحدث الزلازل؟
الزلازل يمكن أن تحدث في جميع أنحاء العالم، إلا أنها تتركز غالباً في مناطق معينة تُعرف بـ “أحزمة الزلازل” أو “الأحزمة الزلزالية”، وأشهرها حزام النار في المحيط الهادئ الذي يحيط بسواحل الأمريكتين واليابان والفلبين ونيوزيلندا وغيرها. تُعد هذه المناطق الأكثر نشاطاً زلزالياً نظراً لكثرة الحدود التكتونية فيها.
وفي عالمنا العربي، توجد مناطق نشطة زلزالياً مثل شرق المتوسط، منطقتي البحر الأحمر وجبال زاغروس، بالإضافة إلى منطقة شمال أفريقيا الممتدة في الجزائر والمغرب.
الآثار الناتجة عن الزلازل
يمكن للزلازل أن تؤدي إلى دمار جزئي أو كامل للمنشآت، وانهيار المباني والجسور، وحدوث حرائق نتيجة تحطم شبكات الغاز أو التيار الكهربائي، وقد يرافقها انزلاقات أرضية أو أمواج تسونامي عند وقوعها تحت المحيط. كما تؤثر كثيراً على الحالة النفسية للسكان وتُخلّف أحياناً آلاف الضحايا.
كيف يمكن التنبؤ بالزلازل؟
حتى الآن لا يمكن التنبؤ بوقوع الزلازل بشكل دقيق. لكن العلماء يعملون على مراقبة الحركات الأرضية باستخدام أجهزة قياس الزلازل (السيسموغراف)، ويقومون بدراسة بيانات تاريخية لمحاولة التوقع بمناطق الخطورة العالية. بعض المؤشرات التي قد تدل على قرب حدوث زلزال تشمل: اهتزازات طفيفة متكررة، تغيّر في مستوى المياه الجوفية، أو انبعاث غازات جديدة من الأرض. ومع ذلك، تبقى هذه المؤشرات غير كافية للتنبؤ الدقيق باليوم والساعة والمكان.
السلامة أثناء الزلازل
لأهمية التوعية، خاصة في المدارس وبين الأطفال، يجب تعليمهم قواعد السلامة التي تقلل من الإصابات عند حدوث زلزال. بعض القواعد المهمة تشمل:
- الاحتماء تحت طاولة متينة أو مكتب مع الإمساك بأرجلها.
- البقاء بعيداً عن النوافذ والأشياء التي يمكن أن تسقط.
- عدم استخدام المصاعد أثناء الزلزال.
- الخروج من المبنى بعد توقف الهزات فقط إذا كان ذلك آمنًا.
كما تُعد التدريبات الزلزالية التي تُجرى في المدارس دورياً وسيلة فعّالة لتعليم الطلاب كيفية التصرف في مثل هذه الحالات الطارئة.
الزلازل وأهميتها العلمية
بعيداً عن آثارها المدمرة، تُعد الزلازل أداة طبيعية هامة لفهم باطن الأرض. فعن طريق دراسة الموجات الزلزالية، استطاع العلماء تحديد تركيب أعماق الأرض واكتشاف حدود الصفائح التكتونية وأنماط تحركاتها. كما ساهمت الزلازل في تطوير علوم الجيولوجيا والهندسة الزلزالية، مما ساعد على بناء منشآت مقاومة للهزات الأرضية.
دور المعلمين والأهل في التوعية
يلعب المعلمون والآباء دوراً فاعلاً في توعية الأطفال بأهمية معرفة كيفية التصرف أثناء وقوع زلزال. تعليم الأطفال علمياً ومبسطاً عن كيفية نشوء الزلازل وأسبابها يساعد على إزالة الخوف ويعزز الثقة بالنفس، خاصة عندما يدرك الطالب أن الزلازل ليست “غضباً إلهياً” وإنما ظاهرة طبيعية تفسرها قوانين العلم.
من خلال الشرح المبسط، والأنشطة الصفية، والقصص التربوية، يمكننا غرس الوعي العلمي في أذهان أبنائنا وبناء جيل واعٍ يُدرك أهمية الوقاية، ومعرفة خطوات السلامة والتصرف الصحيح في الظروف الطارئة.