a close up of a piece of food on a table

لمحة عن المقال

الرخام هو من الصخور المتحولة التي تتميّز بجمالها وقوتها وسطحها الناعم اللامع، ويُستخدم منذ آلاف السنين في البناء والنحت وصناعة الأرضيات والجدران والتماثيل. ولأن الرخام يتمتع بألوانه الجذابة وتشكيلاته الفريدة، فإنه يُبهج الناظر ويُضفي طابعًا فنيًّا على أي مكان يُستخدم فيه. يرغب العديد من الطلاب والمعلمين والأهل في معرفة أصل هذا الحجر وكيف يتكوّن، وما هي أنواعه المتعددة، ولماذا يُعد مهمًّا في حياتنا اليومية. لذلك، سنتعرف سويًا على الرخام من جميع جوانبه بشكل علمي وواضح يناسب مختلف الأعمار، خاصة طلاب المدارس من سن ٧ إلى ١٨ سنة.

كيف يتشكل الرخام؟

الرخام لا يُستخرج من الأرض في صورته الحالية كحجر مزخرف وجميل، بل هو صخر يتكوّن نتيجة عملية جيولوجية طويلة ومعقدة تُدعى “التحوّل”، وهي عملية تحدث عندما تتعرض الصخور الأصلية، مثل الحجر الجيري، إلى درجات حرارة عالية جدًا وضغط شديد داخل طبقات الأرض. هذه الظروف القاسية تؤدي إلى تغيّر تركيب الصخور الداخلية، وتعيد ترتيب الحبيبات المعدنية لتنتج شكلاً جديدًا أكثر صلابة ولمعانًا وبتكوين بلوري مختلف، وهو ما نعرفه بالرخام.

وغالبًا ما يتشكل الرخام من معدن يُدعى “الكالسيت”، لكنه قد يحتوي أيضًا على معادن أخرى مثل الدولوميت أو السربنتين، بحسب مكونات الصخر الأصلي والمكان الذي تشكل فيه. هذه المعادن المضافة هي التي تُضفي على الرخام ألوانه المتنوعة مثل الأبيض، الوردي، الأسود، الأخضر، الأصفر، وغيرها من الألوان. كل قطعة من الرخام تحمل قصة جيولوجية عمرها ملايين السنين.

خصائص الرخام الفيزيائية والكيميائية

يتميز الرخام بخصائص تجعله مفيدًا ومتعدد الاستخدامات. من حيث الصلابة، فإن الرخام أقل صلابة من الجرانيت، لكنه قوي بما يكفي لاستخدامه في الأبنية والأرضيات. سطحه ناعم ويمكن صقله ليصبح لامعًا كالمرآة، مما يجعل مظهره أنيقًا. كيميائيًّا، يتفاعل الرخام مع الأحماض الضعيفة مثل الخل أو عصير الليمون، لأنه يتكوّن بصورة رئيسية من كربونات الكالسيوم التي تذوب وتتفاعل مع الأحماض مُطلقةً فقاعات من غاز ثاني أكسيد الكربون.

ميزة الرخام في كونه عازلًا حراريًّا جيدًا نسبيًّا، وقدرته على تحمل درجات حرارة معينة، إضافة إلى لونه الفاتح في الغالب، تجعله مادة مثالية للاستخدام في المناخات الحارة. كما أن بعض أنواعه تُستخدم في الفنادق والمعالم السياحية الكبرى لإبراز الفخامة والذوق المعماري الرفيع.

أشهر أنواع الرخام

هناك العديد من أنواع الرخام حول العالم، وتختلف باختلاف المصدر الجغرافي والمكونات المعدنية ومراحل التحول. نذكر هنا أبرز وأشهر هذه الأنواع:

رخام كرارا (Carrara Marble)

هو من أشهر أنواع الرخام في العالم ويعود أصله إلى مدينة كارارا في إيطاليا. يتميز بلونه الأبيض الناصع أو الرمادي الفاتح مع عروق رمادية دقيقة. وقد استخدمه الفنانون في نحت التماثيل الكلاسيكية، مثل تماثيل مايكل أنجلو، كما يستخدم اليوم في المطابخ والحمامات والأرضيات الداخلية.

الرخام الأبيض اليوناني (Thassos)

يُستخرج من جزيرة “تاسوس” في اليونان، ويتميّز بلونه الأبيض النقي، وخلوه من العروق تقريبًا، مما يجعله شائع الاستخدام في الأماكن التي تُفضل التصاميم البسيطة والمشرقة. يفضله المهندسون والمعماريون لقدرته على عكس الضوء بطريقة رائعة.

الرخام الأخضر الهندي (Indian Green Marble)

ينتمي هذا النوع إلى ولاية راجستان في الهند، وله لون أخضر طبيعي مع عروق بنية أو فضية. يستخدم في الزينة الداخلية، وخاصة في الأرضيات والطاولات. يلائم الأذواق التي تفضل الألوان الطبيعية المائلة إلى الدفء والهدوء.

رخام كلكتا (Calacatta Marble)

هو نوع فاخر جدًا، يأتي من إيطاليا، وله لون أبيض ناصع بخطوط سميكة باللون الذهبي أو الرمادي. يشيع استخدامه في التصاميم المترفة والفخمة مثل الفنادق والفلل الفاخرة، ويُعد من أغلى أنواع الرخام في الأسواق.

الرخام الأسود الإسباني (Nero Marquina)

يُستخرج من إسبانيا ويتميز بلونه الأسود اللامع مع عروق بيضاء مائلة للفضي. يعطي مظهرًا دراماتيكيًّا وأناقة متميزة، ويستخدم غالبًا في الأرضيات والجدران الداخلية ومداخل المباني الراقية.

أين يُستخدم الرخام؟

الرخام لا يُستخدم فقط لجماله، بل لفوائده العملية أيضًا. يُستخدَم في الأرضيات بسبب متانته وسطحه البارد المناسب للمناطق الحارة، كما يُستخدم في تزيين الجدران الداخلية وأسطح المطبخ والحمام. المهندسون والمهندسات في تصميماتهم الحديثة يعتمدون على الرخام لإضافة لمسة من الفخامة إلى الأبنية. كذلك، يُستخدم الرخام في صناعة التماثيل والنصب التذكارية لما له من سلاسة في النحت وقابلية للتشكيل مع المحافظة على التفاصيل الدقيقة.

واللافت أن بعض المدارس تقوم باستخدام الرخام في مداخلها أو ساحاتها الرئيسية، لإضفاء لمسة راقية واستمرارية طويلة في الاستخدام. ويُستخدم أحيانًا في المعامل الدراسية كطاولات لأنه يمكن تنظيفه بسهولة ولا يتآكل بسرعة.

brown and white wooden board

كيف يمكن تمييز الرخام عن غيره من الصخور؟

لتعرف الفرق بين الرخام وأنواع أخرى من الصخور مثل الجرانيت أو الحجر الجيري، يمكن النظر إلى عدة خصائص. الرخام غالبًا يكون ناعم الملمس ويمكن صقله ليصبح لامعًا، عكس الجرانيت الذي يحتوي على بلورات واضحة وخشنة. كما أن الرخام يتفاعل مع الأحماض بسهولة، وهي طريقة يمكن اختبارها في المعامل المدرسية تحت إشراف المعلم. من المهم عدم كسر الأحجار أو اختبارها في المنزل دون إشراف، لأن بعضها قد يحتوي على معادن خطيرة أحيانًا أو يكون حاد الأطراف.

الفرق بين الرخام الطبيعي والرخام الصناعي

في الأسواق، نسمع كثيرًا عن “الرخام الطبيعي” و”الرخام الصناعي”. الرخام الطبيعي هو ما يتم استخراجه من الجبال مباشرة وتشكيله ليتم استخدامه كما هو بعد التقطيع والتلميع. أما الرخام الصناعي فهو مادة يتم تصنيعها في المعمل من خليط من الأحجار والمواد الكيميائية والراتنجات ليُشبه الرخام الطبيعي. يتميز الصناعي بأنه أرخص سعرًا وأكثر تنوعًا في الألوان ومقاوم للبقع، لكنه لا يمتلك الجمال الطبيعي أو القيمة التاريخية للرخام الطبيعي.

معلومة مفيدة: يمكن للطلاب مشاهدة مقاطع فيديو تعليمية حول استخراج الرخام من الجبال، ومراحل قطعه ونقله وتلميعه، ليفهموا أكثر مدى الجهد الكبير المبذول لجعل هذه الأحجار تبدو بجمالها الذي نراه في المدارس والمنازل.

هل تعلم؟

أن أحد أشهر المعالم المصنوعة من الرخام هو “تاج محل” في الهند، وهو مبنى تاريخي بني بأكمله من الرخام الأبيض النادر، ويُعد من عجائب العالم المعمارية؟ كما أن القصور والمساجد القديمة مثل الجامع الأزهر والجامع الأموي تحتوي على رخامات نادرة ومزخرفة بأجمل التصاميم الإسلامية.

لماذا ندرس الرخام في المدارس؟

دراسة الرخام في المناهج الدراسية لا تساعد فقط على معرفة أنواع الصخور، بل تُعمق فهم الطلاب للطبيعة من حولهم وكيفية تشكّل الأرض. كما يُعزز ذلك من قدرة الطلبة على التمييز بين المواد الطبيعية والصناعية، ويُكسبهم تقديرًا للفنون والتصميمات المعمارية. يمكن للمعلمين تحفيز الطلاب عبر تنظيم زيارات ميدانية إلى ورش تصنيع الرخام أو المتاحف التي تحتوي على منحوتات رخامية، ليكتسبوا معرفة عملية ويشاهدوا أمثلة حية لما تعلموه نظريًّا.

الرخام ليس مجرد حجر يُستخدم في البناء، بل هو سجل طبيعي يحكي قصة ملايين السنين من التاريخ الجيولوجي للأرض، وجزء من تراثنا الفني والثقافي والمعماري. من المهم أن يتعلم التلاميذ كيفية تمييز الرخام، وفهم كيفية تكونه، وتقدير القيمة الجمالية والعلمية له. ومن خلال دراسته، يُمكن للأطفال تطوير فهم أعمق للعلوم والطبيعة والفنون والهندسة، وهو ما يجعل من الرخام حجرًا ثمينًا ليس فقط في البناء، بل في المعرفة.