أنواع البراكين حول العالم
تُعد البراكين من الظواهر الطبيعية المثيرة والمذهلة في كوكب الأرض، وتمثل جزءًا هامًا من القوى الجيولوجية التي تشكل سطح الأرض وتغير معالمه عبر الزمن. تتكون البراكين عندما تندفع الصهارة (الماغما) من باطن الأرض إلى السطح، لتتحول إلى لافا (حمم بركانية) وغازات وبقايا صخرية، مكونة تضاريس جيولوجية متنوعة مثل الجبال البركانية والسلاسل الجبلية. ولكل بركان خصائصه وطبيعته الخاصة، لذا قام العلماء بتصنيف البراكين إلى أنواع مختلفة استنادًا إلى شكلها، طريقة ثورانها، والموقع الجغرافي لها. وتعليم هذه الظواهر للأطفال والناشئة يساعدهم على فهم التنوع البيئي والجيولوجي في العالم، ويحفز لديهم حبّ الاستكشاف والعلم.
أولًا: تصنيف البراكين حسب الشكل
يُعد التصنيف حسب شكل البركان وطريقة تشكله من أكثر التصنيفات شيوعًا. يتضمن هذا التصنيف ثلاث أنواع رئيسية: البراكين الدرعية، البراكين الطبقية، والبراكين المخروطية الصغيرة.
1. البراكين الدرعية
البراكين الدرعية هي من أكثر أنواع البراكين اتساعًا، وسُميت بهذا الاسم بسبب شكلها الذي يشبه الدرع أو الصحن المقلوب. تتكون هذه البراكين نتيجة تدفقات متعددة من الحمم البركانية السائلة جداً والتي تنتشر على مساحات واسعة قبل أن تتجمد. وتتميز بقلة عنفها أثناء الثوران، مما يجعلها آمنة نسبيًا مقارنة بالأنواع الأخرى. من أشهر الأمثلة على هذا النوع هو بركان “ماونا لوا” في هاواي بالولايات المتحدة الأمريكية، ويُعد أكبر بركان درعي نشط في العالم.
2. البراكين الطبقية
يُعرف هذا النوع أيضًا باسم البراكين المركبة، وهي من أكثر البراكين جمالًا وتعقيدًا من حيث البنية. تتكون البراكين الطبقية من طبقات متعاقبة من الحمم البركانية والرماد البركاني والمواد الصلبة المنبعثة من الثورات المتكررة. وتتميز بثوراتها العنيفة والتي قد تكون كارثية في بعض الأحيان. يحتوي هذا النوع على فجوات عميقة ذات قدرة عالية على اختزان الصهارة المضغوطة، ومع مرور الوقت قد تنفجر بشكل مفاجئ وقوي. من الأمثلة المشهورة على هذا النوع هو بركان “فيزوف” في إيطاليا، الذي دمر مدينة بومبي في العصور الرومانية.
3. البراكين المخروطية الصغيرة
البراكين المخروطية الصغيرة، والتي تعرف أيضًا باسم البراكين النُفاثة، هي أبسط أنواع البراكين من حيث الشكل. تكون على هيئة مخروط حاد ناتج عن تراكم المواد البركانية المنبعثة مثل الرماد والحصى والحمم المتجمدة حول الفتحة الرئيسية. وغالبًا ما تكون صغيرة الحجم نسبيًا، ولا تتجاوز ارتفاعاتها مئات الأمتار. تقع هذه البراكين في العادة على أطراف البراكين الأكبر أو ضمن سلاسل البركانية. ومن أمثلتها “بركان باريكوتين” في المكسيك، الذي نشأ فجأة في أحد الحقول الزراعية عام 1943.
ثانيًا: تصنيف البراكين حسب نشاطها
يُقسم العلماء البراكين أيضًا بناءً على درجة نشاطها إلى ثلاث فئات: البراكين النشطة، الخاملة، والميتة.
1. البراكين النشطة
البراكين النشطة هي التي ثارت مؤخرًا أو يُتوقع أن تثور في المستقبل القريب. هذه البراكين تُراقب من خلال محطات الرصد الجيولوجية حول العالم باستمرار للكشف عن التغيرات الحرارية أو الزلزالية التي قد تشير إلى قرب حدوث ثوران. يعتبر بركان “إتنا” في صقلية من أنشط البراكين في أوروبا، ويمثل مصدرًا دائمًا للدراسة الجيولوجية بسبب كثرة ثوراته المتقطعة.
2. البراكين الخاملة
البراكين الخاملة هي تلك التي لم تثُر منذ أزمنة طويلة، لكنها لا تزال تحتوي على إمكانية النشاط في المستقبل. يُصعب في بعض الأحيان التمييز بين البركان الخامل والميت، إلا أن وجود مؤشرات جيولوجية مثل الغازات والينابيع الساخنة قد تدل على أن البركان لا يزال حيًا من الداخل. أغلب هذه البراكين تقع ضمن أحزمة النار حول المحيط الهادئ.
3. البراكين الميتة
أما البراكين الميتة فهي التي لم تظهر منها أي أنشطة بركانية لآلاف أو ملايين السنين، ولا يُتوقع أن تنشط مجددًا. غالبًا ما تكون أساسًا قد تآكلت بفعل العوامل الجوية والزمن، ولا يظهر منها إلا آثار قديمة مثل الفوهات والانكسارات الصخرية. لكن يُشير البعض إلى أن بعض البراكين الميتة يمكن أن تعود إلى النشاط في حالات نادرة غير متوقعة، لذا تبقى المراقبة مستمرة حتى في المناطق التي تبدو آمنة.
ثالثًا: البراكين حسب موقعها الجغرافي
تتوزع البراكين حول العالم بطريقة غير متساوية؛ فالمناطق التي تتقاطع فيها الصفائح التكتونية هي الأكثر عرضة لتشكل البراكين. لهذا السبب، ظهرت أنماط جيولوجية مختلفة في أماكن متنوعة مثل منطقة “حزام النار”، جبال الألب، وسلاسل المحيط الأطلنطي.
1. براكين حزام النار في المحيط الهادئ
حزام النار هو أحد أشهر المناطق البركانية على سطح الأرض، ويمتد بطول سواحل المحيط الهادئ مرورًا بآسيا وأمريكا الشمالية والجنوبية. تحتوي هذه المنطقة على أكثر من ثلاثة أرباع البراكين النشطة في العالم. ويرجع ذلك إلى كثرة تلاقي واحتكاك الصفائح التكتونية في هذه المنطقة، مما يؤدي دائمًا إلى نشاط زلزالي وبركاني كثيف.
2. البراكين القارية (داخل اليابسة)
تظهر هذه البراكين في المناطق الداخلية من القارات نتيجة صعود الماغما من أعماق القشرة الأرضية. مثال يُحتذى به هو بركان “كيلوطو” في إندونيسيا، وهو واحد من أكثر البراكين نشاطًا في العالم. كذلك نجد براكين القوقاز، وألبانيا، وتلك المنتشرة عبر جبال الإنديز.
3. البراكين تحت الماء
البراكين تحت الماء هي نوع فريد وأقل وضوحًا للعامة بسبب موقعها في أعماق البحار والمحيطات. لكن هذا النوع هو في الواقع الأكثر عددًا، وتكوينًا للقشرة الأرضية الجديدة عن طريق التبريد السريع للماغما بعد ملامستها للمياه. تؤدي هذه العمليات إلى تشكل سلاسل جبال بحرية مثل سلسلة جبال منتصف الأطلسي. كما أن بعض الجزر البركانية مثل أيسلندا والهاواي تشكلت نتيجة براكين تحت مائية.
رابعًا: أهمية دراسة أنواع البراكين
فهم أنواع البراكين وطبيعتها أمر بالغ الأهمية للحد من المخاطر الطبيعية، ومساعدة الإنسان على التخطيط والبناء في أماكن آمنة. كما أنه يفيد في تطوير مجالات علمية مثل الجيولوجيا والفيزياء والفلك من خلال دراسة المكونات الداخلية لكوكب الأرض. تعليم الصغار عن البراكين يعزز لديهم التفكير العلمي والبحثي، ويزرع فيهم حب الطبيعة وتقدير قواها. يمكن للمعلمين استخدام المجسمات، والفيديوهات التوعوية، ورحلات المحاكاة العلمية لجعل دروس البراكين ممتعة وقريبة من الواقع.
هل تعلم؟
تشير الأبحاث إلى أن أكثر من 1500 بركان نشط قد ثار منذ بداية التاريخ المسجل، وأن كل عام يشهد ما بين 50 إلى 70 ثورانًا بركانيًا حول العالم!
خاتمة: البراكين كعجائب طبيعية وجيولوجية
تُعتبر البراكين من أقوى وأعظم الظواهر الطبيعية التي تظهر قدرة كوكبنا على التغيير المستمر. فمن خلال فهم خصائصها، أنواعها ومواقعها، نكتسب نحن البشر أدوات مهمة للتكيّف مع طبيعة الأرض ومعالجة مخاطرها. يجب على الأهل والمعلمين استثمار فضول الأطفال في هذا الموضوع وتقديم المعلومات بشكل شيق وسلس، حيث تُمثل البراكين نقطة انطلاق رائعة لتعليمهم مفاهيم علمية متنوعة مثل تكوين الصخور، دورة الأرض، وتأثير المناخ. ومع ارتفاع مستوى الوعي البيئي والتكنولوجي، يمكن للجيل الجديد أن يكون أكثر استعدادًا لفهم الكوكب والمساهمة في حمايته.

