يُعد تطبيق تيك توك (TikTok) واحداً من أكثر التطبيقات شهرة وانتشاراً بين الأطفال والمراهقين حول العالم، خاصة في الفئة العمرية من 7 إلى 18 سنة. أُطلق التطبيق في الأصل من قبل شركة بايت دانس (ByteDance) الصينية عام 2016، وكان يُعرف في البداية باسم “Douyin” داخل الصين، ثم تم إطلاقه عالمياً تحت اسم تيك توك في عام 2018 بعد دمجه مع تطبيق “Musical.ly”. يوفر تيك توك منصة تواصل اجتماعي تتيح للمستخدمين إنشاء مقاطع فيديو قصيرة، تتراوح مدتها من 15 ثانية إلى 3 دقائق، تتضمّن الرقص، أداء التحديات، النصائح التعليمية، أو التفاعل مع محتوى الآخرين. يعد تيك توك اليوم أداة رقمية بارزة تستخدم في الترفيه، والتعليم، والتسويق، والحوار الثقافي، وهو يضم قاعدة مستخدمين تجاوزت مليار مستخدم نشط شهرياً عالمياً.
كيف يعمل تطبيق تيك توك؟
يعتمد تيك توك بصورة كبيرة على خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتقديم تجربة مخصصة لكل مستخدم على حسب اهتماماته. عند فتح التطبيق، يظهر للمستخدم مباشرةً قسم يُسمى “لك” أو For You Page (FYP)، وهو مصدر لا نهائي من مقاطع الفيديو المختارة بناءً على تفضيلات المستخدم وسلوك تصفحه وتفاعلاته السابقة. يمكن للمستخدمين كذلك متابعة حسابات أشخاص آخرين لإنشاء قائمة مخصصة من المحتوى عبر خيار “المتابَعون”. يتيح التطبيق أدوات تصوير وتحرير متعددة، مثل المؤثرات البصرية، الفلاتر، إضافة الموسيقى، والنصوص والملصقات، ما يجعله مذهلاً من حيث الإبداع وسهولة الاستخدام حتى لمن لا يملك مهارات تقنية متقدمة.
خطوات استخدام تطبيق تيك توك
للبدء باستخدام تيك توك، ينبغي أولاً تحميل التطبيق من متجر التطبيقات مثل Google Play أو Apple App Store، ثم إنشاء حساب باستخدام بريد إلكتروني، رقم هاتف، أو حساب على أحد مواقع التواصل الاجتماعي. بعد تسجيل الدخول، يمكن للمستخدم استعراض الفيديوهات، الإعجاب بالمقاطع، التعليق، مشاركة المحتوى، مراسلة المستخدمين الآخرين، أو إنشاء ومشاركة فيديوهات خاصة به. لتسجيل فيديو، يجب الضغط على زر الكاميرا، ثم اختيار الصوت، المؤثرات، والمؤقت، وتسجيل الفيديو. بعد الانتهاء، يمكن إضافة وصف (Caption) واستخدام الوسوم (هاشتاغ) لتيسير الوصول إلى الفيديو من قِبَل الآخرين.
الاستخدامات الإيجابية لتطبيق تيك توك في التعليم والتربية
بالرغم من أن تيك توك يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه تطبيق ترفيهي، إلا أنه بات مؤخراً يمثّل منصة تعليمية فعالة وخاصة في الأوساط غير الرسمية. يمتاز عدد من المعلّمين والمربين بابتكار طرق جديدة لتقديم المعلومات من خلال مقاطع قصيرة ممتعة وجذابة تساعد الطلبة على التعلم بطريقة تفاعلية. فعلى سبيل المثال، يقوم المعلمون بمشاركة دروس مبسّطة في الرياضيات، التجارب العلمية المصوَّرة، تعليم اللغة، إرشادات الصحة النفسية، ونصائح دراسية، بطريقة مرئية تجذب الطلاب وتشجعهم على متابعة المعرفة. كما يستفيد التلاميذ أنفسهم في عرض مشاريعهم المدرسية أو مشاركاتهم الأدبية أو العلمية.
قالت إحدى المعلمات: “استخدمت تيك توك لتسجيل مراجعات قصيرة قبل الامتحانات، وتفاعل طلابي معها أكثر من طرق المراجعة التقليدية”.
بالنسبة لأولياء الأمور، يمكن أن يُستخدم تيك توك لتقوية العلاقة مع الأطفال من خلال فهم ما يتابعونه، مشاركة الفيديوهات التعليمية معهم، والتأكيد على المحتوى الإيجابي والآمن. كما يمكن للمربين استخدام المنصة لتوجيه رسائل توعوية حول المواضيع الاجتماعية، البيئية، والأخلاقية، وهو ما يعزز من قيمة التطبيق بما يتلاءم مع الاتجاهات التربوية الحديثة.
السلامة والخصوصية على تيك توك
من أبرز المخاوف التي تُثار حول استخدام تيك توك من قبل الأطفال والمراهقين هي مسألة الأمان على الإنترنت والخصوصية. لحماية المستخدمين الصغار، يقدم تيك توك ميزات متعددة لضمان الاستخدام الآمن، مثل إعدادات الحساب الخاص، أدوات الرقابة الأبوية، إمكانية ضبط من يمكنه مشاهدة الفيديوهات والتفاعل معها، وخيارات الإبلاغ السريع عن أي محتوى مسيء أو غير لائق. يقدم التطبيق خاصية تُدعى “الأمن العائلي” (Family Pairing) تسمح للوالدين بربط حساباتهم بحسابات أبنائهم ومراقبة وقت الاستخدام، إعدادات الخصوصية، والتحكم بالتواصل والمحتوى المرئي. كما يلتزم تيك توك بقوانين دولية خاصة بخصوصية الأطفال أهمها قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت COPPA في الولايات المتحدة.
يوضح الخبراء أن تربية وعي الأطفال حول كيفية استخدام التطبيقات بذكاء، وعدم نشر المعلومات الشخصية، والتمييز بين المحتوى الهادف والمضلل، تُعد من المهارات الرقمية الأساسية التي ينبغي على المعلمين والآباء تعزيزها عند استخدام تيك توك أو أي منصة رقمية أخرى.
القيود العمرية وآثار الاستخدام المفرط
وفقاً لسياسات تيك توك، يُشترط أن يكون عمر المستخدم 13 عاماً فما فوق لإنشاء حساب. ومع ذلك، هناك بعض الحالات حيث يستخدم الأطفال الأصغر سنّاً التطبيق بإشراف الأهل أو من خلال حسابات مشتركة، وهو ما يفرض على البالغين دوراً رقابياً ومسؤولاً. أظهرت دراسات حديثة أن الاستخدام المفرط لتيك توك، كغيره من تطبيقات التواصل، قد يؤدي إلى آثار سلبية على التركيز الأكاديمي، تقليل الوقت المخصص للنوم والدراسة، والتأثر بالصورة الذاتية نتيجة المقارنة بالمؤثرين على المنصة. لذا، يجب ضبط أوقات الاستخدام.
أنواع المحتوى الشائع على تيك توك
تتنوع محتويات تيك توك بشكل كبير، وتشمل مقاطع التحديات، الطبخ، الكوميديا، النصائح المدرسية، التعليم السريع، والقصص المصورة. وتشتهر المنصة باستخدام “الهاشتاغات” لتجميع المحتوى بحسب فئاته، مثل #تعليم، #تجربة_علمية، #رياضيات_سهلة، وغيرها. كما ينتشر ما يُعرف بـ “الثنائيات” أو Duets، وهي خاصية تسمح للمستخدم برد أو تفاعل على فيديو معين عن طريق تصوير فيديو آخر بجانبه، مما يشجع على تبادل الأفكار والردود التعليمية أو الفنية.
يجذب تيك توك كذلك المستخدمين الموهوبون، حيث يعرضون مهاراتهم بطريقة محفزة للأطفال والشباب لتجربة أشياء جديدة. وبالنسبة للمعلمين، فإن خصائص التنسيق السهل ووضوح واجهة التطبيق تساعدهم في إعداد محتويات تعليمية مفيدة دون الحاجة إلى تقنيات معقدة.
دور المربين والمعلمين في توجيه استخدام تيك توك
يلعب المعلمون دوراً مهماً في توعية الطلبة حول كيفية تحقيق أقصى استفادة من تطبيقات مثل تيك توك دون الوقوع في المخاطر الرقمية. ويتمثل هذا الدور في إثارة النقاشات الصفية حول المحتوى المنتشر، تدريب الطلاب على التفكير النقدي، والتحقق من مصادر المعلومات، وتعليمهم كيفية إنشاء محتوى إيجابي ونافع بأنفسهم. كما يمكن للمعلمين ابتكار مهام صفية تعتمد على استخدام تيك توك، مثل تلخيص درس في فيديو، أو شرح مفهوم رياضي بطريقة مبسطة، ما يعزز مهارات التعبير والابتكار لدى الطلبة.
ولتقوية العلاقة بين البيت والمدرسة في هذا الإطار، على أولياء الأمور أن يتعاونوا مع الكادر التربوي في التوجيه السلوكي الرقمي، وعدم الاقتصار فقط على الحظر والمنع، بل التركيز على الحوار والإقناع نحو استخدام راشد ومثمر للتقنيات الرقمية.
الخلاصة العامة حول تيك توك واستخدامه في أوساط التلاميذ
في ظل انتشار التطبيقات الرقمية وتحول الأطفال إلى مستخدمين مبكرين لها، يُعد تطبيق تيك توك مثالاً بارزاً على كيفية الجمع بين الترفيه والتعليم في تكنولوجيا العصر الحديث. ورغم التحديات المرتبطة بانفتاح عالم الإنترنت على أطفال المدارس، إلا أن الاستخدام الذكي والمؤطر لتطبيقات مثل تيك توك يُمكن أن يكون وسيلة فعّالة لتعزيز الإبداع، التعلم التفاعلي، وبناء المهارات الرقمية منذ الصغر. ولتحقيق ذلك، يجب على المربين والأولياء المساهمة في توعية الجيل الناشئ بالاستعمال الآمن، المسؤول، والمفيد للتكنولوجيا، ليصبح الطفل شريكاً فاعلاً في بناء محتوى إيجابي يعبر عن نفسه ومجتمعه بقيم تربوية راقية.


