لمحة عن المقال
الصفة والموصوف: قواعد التوافق بينهما
تُعد الصفة والموصوف من أهم المكونات النحوية في اللغة العربية، والتي تُسهم في تكوين الجُمَل بشكل دقيق وجمالي يُعبّر عن المعاني بأفضل صورة. فالصفة تُستخدم لتوضيح أو تحديد الموصوف، وتساهم في إثراء اللغة وإعطاء التفاصيل اللازمة عمّا يُذكر في الكلام. يهتم هذا المقال بتوضيح مفهوم الصفة والموصوف، أنواع الصفة، وقواعد التوافق بينها وبين الموصوف من حيث العدد، النوع، التعريف والتنكير، والإعراب، وذلك بما يلائم الفئة العمرية للطلبة في المدارس من عمر 7 إلى 18 سنة، مع توفير أمثلة مبسطة مناسبة للفهم المدرسي، مما يُسهم في دعم المعلمين والأهالي في تبسيط هذا المفهوم المهم للأطفال.
تعريف الصفة والموصوف
الموصوف هو الاسم الذي نودّ أن نصفه أو نحدده بصفة معينة، وهو يأتي أولًا في الجملة. أما الصفة فهي الكلمة التي تأتي بعد الموصوف وتصفه أو توضحه، بمعنى أنها تذكر شيئًا إضافيًا عن الاسم الذي قبلها. الصفة تعتمد اعتمادًا تامًا على الموصوف، وتلازمه في التغيير من حيث عدد من القواعد المشتركة، وهو ما يُعرف بـ«التوافق بين الصفة والموصوف».
مثال على ذلك:
قرأتُ كتابًا مفيدًا. في هذه الجملة، الموصوف هو “كتابًا” والصفة هي “مفيدًا”. الصفة وصفت الموصوف ووافقتْه في الإعراب والنوع والتنكير والتعريف.
أنواع الصفات في اللغة العربية
تنقسم الصفات في اللغة العربية إلى أنواع مختلفة بحسب معناها وطبيعتها، ومن هذه الأنواع:
1. الصفة الحقيقية
وهي الصفة التي تصف الموصوف نفسه بشكل مباشر، وتوضح أحد خصائصه أو صفاته. مثال: رأيتُ ولدًا نشِيطًا.
2. الصفة السببية
وهي الصفة التي تصف شيئًا متعلقًا بالموصوف وليست له مباشرة. فهي تكون لموصوف محذوف يدل عليه الكلام. مثال: رأيتُ بنتًا جميلاً وجهُها. ففي العبارة، الصفة “جميلًا” لا تعود على البنت مباشرة، بل على “وجهها”.
قواعد التوافق بين الصفة والموصوف
من الخصائص الأساسية للصفة في اللغة العربية أنها تتبع موصوفها في أربعة أوجه من الإعراب، وهي: الإعراب، النوع (التذكير والتأنيث)، العدد (المفرد والمثنى والجمع)، والتعريف والتنكير. يُطلق على هذا المبدأ اسم “مطابقة الصفة للموصوف”.
أولًا: التوافق في الإعراب
يجب أن تتبع الصفة الموصوف في إعرابه، سواء كان مرفوعًا أو منصوبًا أو مجرورًا.
أمثلة:
- هذا قلمٌ جميلٌ. (مرفوع)
- اشتريتُ قلمًا جميلًا. (منصوب)
- مررتُ بـقلمٍ جميلٍ. (مجرور)
نلاحظ أن الصفة وافقت الموصوف في حالة الإعراب تمامًا.
ثانيًا: التوافق في النوع (التذكير والتأنيث)
إذا كان الموصوف مذكرًا، وجب أن تكون الصفة مذكرة، وإذا كان مؤنثًا، وجب أن تكون مؤنثة.
أمثلة:
- طالبٌ مجتهدٌ. (الموصوف مذكر)
- طالبةٌ مجتهدةٌ. (الموصوف مؤنث)
ولا يجوز أن نصف اسمًا مؤنثًا بصفة مذكرة أو العكس إلا في حالات خاصة جدًا في الشعر أو البلاغة، ولكنها ليست محور هذا الدرس.
ثالثًا: التوافق في العدد (المفرد، المثنى، الجمع)
تطابق الصفة موصوفها في العدد، سواء كان الموصوف مفردًا أو مثنًى أو جمعًا.
أمثلة:
- ولدٌ ذكيٌّ. (مفرد)
- ولدانِ ذكيّانِ. (مثنى)
- أولادٌ أذكياءُ. (جمع)
رابعًا: التوافق في التعريف والتنكير
الصفة إذا جاءت بعد اسم نكرة وُجِب أن تكون نكرة، وإذا جاء الموصوف معرفة، وُجِب أن تكون الصفة معرفة.
أمثلة:
- اشتريتُ كتابًا مفيدًا. (نكرة)
- قرأتُ الكتابَ المفيدَ. (معرفة بـ”أل”)
وإذا لم تتوافق الصفة مع الموصوف في هذا الجانب، تعتبر الكلمة التالية في الجملة مضافًا أو بدلًا، وليست صفة.
الفرق بين الصفة والحال
الصفة غالبًا ما تصف الاسم وتأتي بعده، وهي تُبيّن صفة مستقرة في الموصوف، وتُطابقه في التعريف والتنكير. أما الحال، فتصف حالة عارضة للفاعل عند وقوع الفعل، وغالبًا ما تكون نكرة، وتأتي بعد الفعل والفاعل.
مثال على الصفة: الطائرُ الجميلُ يُغرد.
مثال على الحال: عادَ الطفلُ راكضًا.
تفيد الصفة بيان صفات الاسم، بينما تفيد الحال بيان الهيئة التي عليها الشخص أو الشيء أثناء حدوث الفعل.
أمثلة تطبيقية للأطفال والطلبة
1. التمرين الأول (اكشف عن الصفة والموصوف):
- قرأتُ قصةً ممتعةً.
- مررتُ بطالبٍ نشيطٍ.
- هذه شجرةٌ خضراءُ.
في كل جملة، حدد الطفل الكلمة الأولى كونها الموصوف والثانية الصفة.
2. التمرين الثاني (اكمل الجملة بصفة مناسبة):
- وجدتُ طائرًا _____.
- سمعتُ صوتًا _____.
- أُحب ولدًا _____.
يُطلب من التلاميذ إضافة صفة مناسبة تُطابق الكلمة في النوع والعدد والإعراب.
أخطاء شائعة يجب تجنّبها
أحيانًا يقع الطلّاب في أخطاء تتعلق بعدم مطابقة الصفة للموصوف، ومن أبرز هذه الأخطاء:
- وضع صفة مذكرة لموصوف مؤنث (مثال خاطئ: بنتٌ ذكيٌّ).
- وضع صفة معرفة بعد موصوف نكرة (مثال خاطئ: كتابٌ المفيدُ).
- عدم تطابق الإعراب (مثال خاطئ: هذا قلمٌ جميلًا).
- الترتيب الخاطئ للكلمات (مثال خاطئ: سريعٌ حصانٌ).
لذا من المهم التدريب المستمر على هذه القواعد وتعليم الأطفال التمييز بينها من خلال التمارين المنوعة والنصوص القرائية.
أهمية دراسة الصفة والموصوف في تنمية مهارات اللغة
فهم الصفة والموصوف وقواعد التوافق بينهما يُنمّي قدرة الطالب على التعبير السليم والجميل، ويُكسبه أدوات لغوية تمكنه من وصف الأشخاص والأماكن والأشياء بدقة. كما تساهم الصفة في إثراء المفردات وتنمية الخيال الأدبي في الكتابات الإنشائية والإبداعية. يستطيع الطالب من خلال استخدام الصفات أن يكتب وصفًا دقيقًا لحالة أو شخصية أو مشهد معين، مما يساعد على تطوير مستوى الإنشاء والتحدث أيضًا.
دور المعلم وولي الأمر في تعليم الصفة والموصوف
يقع على عاتق المربين والمعلمين دور كبير في توضيح هذا المفهوم، وذلك من خلال الأنشطة الصفية، مثل قراءة النصوص القصيرة وتحديد الصفات والموصوفات، ثم كتابة جمل جديدة، بالإضافة إلى تقديم تغذية راجعة وتصحيح الأخطاء من خلال التمارين الكتابية والشفهية. كما يمكن للأهل استخدام المواقف اليومية لتعليم أبنائهم الصفة بوصف أشياء في البيت أو المكان، مثل “كرسي مريح”، “طبق لذيذ”، “لعبة جميلة”، مما يجعل التعلم لغويًا تلقائيًا وممتعًا.
يتضح من خلال ما سبق أن الصفة عنصر أساسي في بناء الجملة العربية الصحيحة، ولا يتم المعنى إلا بها أحيانًا. كما أنها تقتضي معرفة ومعالجة نحوية دقيقة من حيث التوافق مع الموصوف. تعليم الصفة والموصوف للأطفال بطريقة مبسطة وتحفيزية يُسهم في رفع مستواهم في مهارات اللغة الرئيسية الأربع: الاستماع، التحدث، القراءة، والكتابة. من هنا، يُستحسن ربط هذا المفهوم بالنصوص التطبيقية، الصور، الألعاب اللغوية، لتثبيت القاعدة في ذهن المتعلم بطريقة ممتعة ومستدامة.
المراجع
- عبده، محمود. النحو الميسر للأطفال. دار المعارف، القاهرة، 2015.
- الجزائري، زهيرة. أسس تعليم قواعد اللغة العربية. مكتبة النهضة، الجزائر، 2018.
- حسين، أحمد. في أصول النحو الوظيفي. دار الفكر، عمان، 2020.
- القرآن الكريم – تدبر الآيات التي تحتوي على صفات وموصوفات.
- وزارة التربية والتعليم – المناهج المدرسية للغة العربية (المرحلتان الابتدائية والإعدادية)، مصر، 2022.
موارد ذات صلة:

